يعتبر حب المال من الأمور التي جُبلت النفس الإنسانيّة عليها، وقد أكّد القرآن الكريم هذا المعنى في قوله تعالى: (وَتُحِبُّونَ المَالَ حُبَّاً جَمَّاً)[الفجر:20]، ويُعتبر المال من أشد أنواع الفتن التي قد يتعرَّض لها الإنسان خلال حياته، وهو أيضاً من أبرز الوسائل القادرة على كشف المعدن الحقيقي للإنسان.
لقد بينت فطرة الإنسان السليمة أولاً، والشرائع السماوية ثانياً، والقوانين الوضعية ثالثاً، الطرق السليمة للتعامل مع المال، حيث جرَّمت بعض الطرق لكسبه، فظهرت بذلك عدة قيم تدل على مدى التزام الإنسان بهذه الطرق المشروعة، ولعلَّ أبرز هذه القيم: العفة، والقناعة. وفيما يلي تعريف بقيمتي: العفة والقناعة، واستعراض لأبرز الآثار الإيجابية لوجودها في المجتمعات الإنسانيّة المختلفة.
العفة والقناعة في جمع الأموالتُعرَّف العفة في جمع الأموال على أنها امتناع الإنسان عن كسب الأموال بسلوك المسالك غير المشروعة، ولعلَّ أبرز هذه المسالك: الغش، والسرقة، والاحتيال، والسطو على المال العام، وأكل أموال الأيتام، وغيرها. أما القناعة فهي أن يرضى الإنسان بالمال الذي بين يديه، والذي اكتسبه بالطرق المشروعة حتى لو كان قليلاً جداً، بدلاً من اللجوء إلى الطرق غير المشروعة لتكثيره، وزيادته.
الآثار الإيجابية للتحلي بالعفة والقناعةتعتبر قيمتا: العفة، والقناعة من أكثر القيم التي تترك آثاراً إيجابية عظيمة في حياة الإنسان، والمجتمعات على حدٍّ سواء، فضلاً عن أن وجودهما لدى الإنسان والمجتمع ما هو إلا دليل قوي على وجود فطرة إنسانية سليمة، وتربية سليمة حسنة، وأخلاق رفيعة عالية.
من أبرز آثار العفة، والقناعة: تقلص نسبة الفقر في المجتمعات؛ ذلك أن تغوُّل الجشعين على الأموال العامة، وأخذها بالباطل، يُسهم بشكل كبير في تناقص إيرادات المجتمع المالية، مما يؤدي إلى حدوث المشكلات الاقتصاديّة، وعلى رأسها مشكلة المديونيّة، الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى حدوث تدهور اقتصادي خطير، تنتج عنه المشكلات الاجتماعية المختلفة كالفقر، والبطالة، كما أنّ توفر العفة والقناعة في المجتمع يساعد بشكل كبير على نشر الثقة بين الناس، على العكس لو تضاءلت هاتان القيمتان؛ فبتضاؤلهما ستنعدم الثقة، وهنا فإن محاولات الإصلاح التي قد يقودها بعض الصالحين ستبوء بالفشل، بسبب عدم وجود ثقة بينهم، مما يضع المجتمع كاملاً في أزمة حقيقية. ومن هذه الآثار نجد أن تربية الصغار على هاتين القيمتين من الأمور التي تستحق من الأهل بذل مجهودات في سبيلها، فهي ضمانة حقيقية لأمن الإنسان، والمجتمع وسلامتهما.
إنّ انعدام العفة والقناعة يزيد من التحاقد، والتباغض بين الناس، مما يؤدي إلى تراجع الأخلاق في المجتمعات الإنسانيّة، وهذا يساعد على تفشي الجرائم، وأنواع الانحرافات المختلفة.
المقالات المتعلقة بمفهوم العفة والقناعة في تحصيل المال